فصل: تفسير الآية رقم (204):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (200):

{وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200)}
أخرج ابن جرير عن ابن زيد قال: لما نزلت {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} [ الأعراف: 199] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «كيف يا رب والغضب، فنزل {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ...} الآية».
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ} قال: علم الله أن هذا العدو مبتغ ومريد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه كان يقول: اللهم إني أعوذ بك من الشيطان من همزه ونفثه ونفخه. قال: همزه الموتة، ونفثه الشعر: ونفخه الكبرياء».

.تفسير الآيات (201- 203):

{إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201) وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ (202) وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآَيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (203)}
أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {إنَّ الذين اتقوا} قال: هم المؤمنون.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في ذم الغضب وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {إذا مسهم طيف من الشيطان} قال: الغضب.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: الطيف: الغضب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك أنه قرأ {إذا مسهم طائف من الشيطان} بالألف {تذكروا} قال: هَم بفاحشة فلم يعملها.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله: {إذا مسهم طيف من الشيطان تذكروا} يقول: إذا زلوا تابوا.
وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان من طريق وهب بن جرير عن أبيه قال: كنت جالساً عن الحسن إذ جاءه رجل فقال: يا أبا سعيد ما تقول في العبد يذنب الذنب ثم يتوب؟ قال: لم يزدد بتوبته من الله إلا دنواً. قال: ثم عاد في ذنبه ثم تاب؟ قال: لم يزدد بتوبته إلا شرفاً عند الله. قال: ثم قال لي: ألم تسمع ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: وما قال؟ قال: «مثل المؤمن مثل السنبلة تميل أحياناً وتستقيم أحياناً- وفي ذلك تكبر- فإذا حصدها صاحبها حمد أمره كما حمد صاحب السنبلة بره، ثم قرأ {إن الذين اتقوا إذا مسهم طيف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون}».
وأخرج أبو الشيخ عن محمد بن كعب قال: إن الله لم يسم عبده المؤمن كافراً، ثم قرأ {إن الذين اتقوا إذا مسهم طيف من الشيطان تذكروا} فقال: لم يسمه كافراً ولكن سماه متقياً.
وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ {إذا مسهم طائف} بالألف.
وأخرج عبد بن حميد عن الأعمش عن إبراهيم ويحيى بن وثاب قرأ أحدهما طائف، والآخر طيف.
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير أنه قرأ {إذا مسهم طائف} بالألف.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال: الطائف اللمة من الشيطان {تذكروا فإذا هم مبصرون} يقول: إذا هم منتهون عن المعصية، آخذون بأمر الله، عاصون للشيطان وإخوانهم. قال: إخوان الشياطين {يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون} قال: لا الإِنس عما يعملون السيئات ولا الشياطين تمسك عنهم {وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها} يقول: لولا أحدثتها لولا تلقيتها فأنشأتها.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس {وإخوانهم يمدونهم في الغي} قال: هم الجن يوحون إلى أوليائهم من الإِنس {ثم لا يقصرون} يقول: لا يسامون {وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها} يقول: هلا افتعلتها من تلقاء نفسك.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد {وإخوانهم من الشياطين يمدونهم في الغي} قال: استجهالاً وفي قوله: {لولا اجتبيتها} قال: ابتدعتها.
وأخرج الحكيم الترمذي عن عمر بن الخطاب قال: أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أعرف الحزن في وجهه، فأخذ بلحيتي فقال «إنا لله وإنا إليه راجعون، أتاني جبريل آنفاً فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون. قلت: أجل، فإنا لله وإنا إليه راجعون، فما ذاك يا جبريل؟! فقال: إن أمتك مفتتنة بعدك بقليل من الدهر غير كثير، قلت: فتنة كفر أو فتنة ضلالة؟ قال: كل ذلك سيكون. قلت: ومن أين ذاك وأنا تارك فيهم كتاب الله... ! قال: بكتاب الله يضلون، وأول ذلك من قبل قرائهم وأمرائهم، يمنع الأمراء الناس حقوقهم فلا يعطونها فيقتتلون، وتتبع القراء أهواء الأمراء فيمدونهم في الغي ثم لا يقصرون، قلت: يا جبريل فيم يسلم من سلم منهم؟ قال: بالكف والصبر إن أعطوا الذي لهم أخذوه وإن منعوه تركوه».
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة {قل إنما أتبع ما يوحى إليَّ من ربي} قال: هذا القرآن {هذا بصائر من ربكم} أي بينات فاعقلوه {وهدى ورحمة} لمن آمن به وعمل به ثم مات عليه.

.تفسير الآية رقم (204):

{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204)}
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه وابن عساكر عن أبي هريرة في قوله: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} قال: نزلت في رفع الأصوات، وهم خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} يعني في الصلاة المفروضة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: صلّى النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ خلفه قوم، فنزلت {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}.
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ في الصلاة أجابه من وراءه، إذا قال: بسم الله الرحمن قالوا مثل ما يقول حتى تنقضي فاتحة الكتاب والسورة، فلبث ما شاء الله أن يلبث ثم نزلت {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا...} الآية. فقرأ وأنصتوا.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن مجاهد قال: قرأ رجل من الأنصار خلف النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة، فأنزلت {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا...} الآية.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن عبد الله بن مغفل أنه سئل أَكُلُّ من سمع القرآن يُقْرَأْ وجب عليه الاستماع والإِنصات؟ قال: لا. قال: إنما نزلت هذه الآية {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} في قراءة الإِمام، إذا قرأ الإِمام فاستمع له وأنصت.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن مسعود. أنه صلى بأصحابه فسمع ناساً يقرأون خلفه، فلما انصرف قال: أما آن لكم أن تفهموا، أما آن لكم أن تعقلوا {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} كما أمركم الله.
وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني في الأوسط وابن مردويه عن أبي وائل عن ابن مسعود أنه قال في القراءة خلف الإِمام: انصت للقرآن كما أُمرت فإن في الصلاة شغلاً وسيكفيك ذاك الإِمام.
وأخرج ابن أبي شيبة عن علي قال: من قرأ خلف الإِمام فقد أخطأ الفطرة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن زيد بن ثابت قال: لا قراءة خلف الإِمام.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما جعل الإِمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فانصتوا».
وأخرج ابن أبي شيبة عن جابر «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كان له إمام فقراءته له قراءة».
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال: أول ما أحدثوا القراءة خلف الإِمام، وكانوا لا يقرأون.
وأخرج ابن جرير عن الزهري قال: نزلت هذه الآية في فتى من الأنصار، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما قرأ شيئاً قرأه، فنزلت {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}.
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن أبي العالية «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى بأصحابه فقرأ قرأ أصحابه خلفه، فنزلت هذه الآية {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} فسكت القوم وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم».
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عمر قال: كانت بنو إسرائيل إذا قرأت أئمتهم جاوبوهم، فكره الله ذلك لهذه الأمة، قال: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن إبراهيم قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ ورجل يقرأ، فنزلت {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}.
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن طلحة بن مصرف في قوله: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} قال: ليس هؤلاء بالأئمة الذين أمرنا بالإِنصات لهم.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في سننه من طريق أبي هريرة قال: كانوا يتكلمون في الصلاة، فنزلت {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن مسعود «أنه سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فلم يرد عليه- وكان الرجل قبل ذلك يتكلم في صلاته ويأمر بحاجته- فلما فرغ رد عليه، وقال: إن الله يفعل ما يشاء وإنها نزلت {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون}».
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال: كنا يسلم بعضنا على بعض في الصلاة، فجاء القرآن {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في سننه عن عبد الله بن مغفل قال: كان الناس يتكلمون في الصلاة، فأنزل الله هذه الآية {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون} فنهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن الكلام في الصلاة.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عطاء قال: بلغني أن المسلمين كانوا يتكلمون في الصلاة كما يتكلم اليهود والنصارى حتى نزلت {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون}.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة قال: كانوا يتكلمون في الصلاة أول ما أمروا بها، كان الرجل يجيء وهم في الصلاة فيقول لصاحبه: كم صليتم؟ فيقول: كذا وكذا، فأنزل الله هذه الآية {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} فأمروا بالاستماع والإِنصات، علم أن الإِنصات هو أحرى أن يستمع العبد ويعيه ويحفظه، علم أن لن يفقهوا حتى ينصتوا، والإِنصات باللسان والاستماع بالأذنين.
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك قال: كانوا يتكلمون في الصلاة، فأنزل الله: {وإذا قرئ القرآن...} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له} قال: نزلت في صلاة الجمعة، وفي صلاة العيدين، وفيما جهر به من القراءة في الصلاة.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: المؤمن في سعة من الاستماع إليه إلا في صلاة الجمعة، وفي صلاة العيدين، وفيما جهر به من القراءة في الصلاة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} قال: نزلت في رفع الأصوات خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة، وفي الخطبة لأنها صلاة، وقال: من تكلم يوم الجمعة والإِمام يخطب فلا صلاة له.
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في هذه الآية {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} قال: هذا في الصلاة، والخطبة يوم الجمعة.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد قال: وجب الإِنصات في اثنتين، في الصلاة والإِمام يقرأ، ويوم الجمعة والإِمام يخطب.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: ما أوجب الإِنصات يوم الجمعة؟ قال: قوله: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} قال: ذاك زعموا في الصلاة وفي الجمعة؟ قلت: والإِنصات يوم الجمعة كالإِنصات في القراءة سواء. قال: نعم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن في قوله: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} قال: عند الصلاة المكتوبة، وعند الذكر.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن الكلبي قال: كانوا يرفعون أصواتهم في الصلاة حين يسمعون ذكر الجنة والنار، فأنزل الله: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له.....} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له...} الآية. قال: في الصلاة، وحين ينزل الوحي عن الله عز وجل.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد. أنه كره إذا مر الإِمام بآية خوف أو آية رحمة أن يقول أحد من خلفه شيئاً قال: السكوت.
وأخرج أبو الشيخ عن عثمان بن زائدة. أنه كان إذا قرئ عليه القرآن غطى وجهه بثوبه، ويتأوّل من ذلك قول الله: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} فيكره أن يشغل بصره وشيئاً من جوارحه بغير استماع.
وأخرج أحمد والبيهقي في شعب الإِيمان بسند حسن عن أبي هريرة. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من استمع إلى آية من كتاب الله كتبت له حسنة مضاعفة، ومن تلاها كانت له نوراً يوم القيامة».